info@archon-defense.com

آركون

هل يجب أن تتعاون في مشروعات دفاعية مشتركة؟

منذ 6 ساعات
2 المشاهدات
0 comments
3 دقيقة/دقائق للقراءة

 

مصر وتركيا وباكستان وإيران، هل يجب أن تتعاون في مشروعات دفاعية مشتركة؟ حقًا؟


أرى كثيرين يتحدثون عن أننا بحاجة إلى تعاون دفاعي أكبر، ولكن هل المسألة فعلًا بهذه الصورة الوردية؟

تخصصي الأكاديمي هو التعاون في مجال الدفاع، ومع مرور الوقت أزداد فهمًا لتعقيد هذا الموضوع، ومدى فشله في معظم الأحيان.

المسألة تتضمن تفاصيل كثيرة، وأهمها أن التعاون الدفاعي ليس قرارًا سياسيًا يُتخذ ويُنفّذ ببساطة. فالسؤال الأول دائمًا هو: من هي الشركات المشاركة؟ هل قدراتها متكافئة؟ أم ستكون هناك شركة قائدة والبقية مجرد موردين؟

التاريخ يخبرنا أن أغلب مشروعات التعاون تنهار عند هذه النقطة تحديدًا، لأن كل دولة تحاول حماية صناعتها المحلية والحصول على أكبر حصة ممكنة من "الكعكة"، حتى وإن جاء ذلك على حساب كفاءة المشروع نفسه.

ومثال واضح على تعقيد التعاون الدفاعي هو مشروع "يورو درون" (Eurodrone). فرنسا نفسها، وهي إحدى أعمدة الصناعات الدفاعية في أوروبا، انسحبت من المشروع قبل أسابيع بسبب ارتفاع التكلفة والبطء الشديد في التنفيذ، وتضخم المتطلبات الفنية مقارنة بالاحتياج العملياتي الحقيقي.

المشروع بدأ بهدف إنتاج طائرة مسيّرة أوروبية مشتركة كبديل للأنظمة الأمريكية، لكنه تحوّل مع الوقت إلى كيان صناعي ضخم ومعقّد نتيجة محاولة إرضاء كل دولة مشاركة وحماية حصص شركاتها الوطنية.

لذلك، حتى بين دول حليفة سياسيًا، ومتقاربة تكنولوجيًا، ولديها قواعد صناعية قوية، يظل التعاون الدفاعي هشًّا للغاية، وأي اختلاف في الأولويات أو الحسابات الاقتصادية قد يهدده بالشلل أو التفكك.

فالتعاون الدفاعي ليس مجرد "هيا نطوّر سلاحًا معًا"، بل يتضمن ملفات سيادية شديدة الحساسية، مثل: من يمتلك الملكية الفكرية؟ من يحق له التصدير ولمن؟ هل يُسمح ببيع السلاح لطرف ترفضه الدولة الأخرى سياسيًا؟ من يتحكم في البرمجيات والتحديثات؟

تلك الأسئلة وحدها قادرة على إيقاف أي تعاون قبل الوصول إلى مرحلة الإنتاج، خصوصًا عندما تكون الدول المشاركة ذات سياسات خارجية متعارضة، كما في حالة مصر وتركيا أو إيران وباكستان.

فضلًا عن ذلك، فالتعاون الدفاعي ليس مجرد تحدٍّ تكنولوجي أو صناعي، بل هو في الأساس تحدٍّ في الحوكمة والإدارة.

فأي مشروع مشترك يحتاج إلى منظومة واضحة وسريعة لاتخاذ القرار، وآليات لحل النزاعات، وجدول زمني ملزم، ونموذج تمويل مستقر.

لكن ما إن تدخل أكثر من دولة، حتى تدخل معها البرلمانات، وأجهزة الرقابة، والجيوش ذات العقائد المختلفة، ولوبيات الضغط. وكل طرف يسعى لحماية نفسه من المخاطرة قبل أن يفكر في حماية أو نجاح المشروع ذاته.

وفي كثير من الأحيان تصبح تكلفة التنسيق أعلى من فائدة التعاون نفسه، فيتحوّل المشروع إلى عبء إداري ومالي. ولهذا السبب، عادت كثير من الدول عبر التاريخ إلى نماذج أبسط، مثل التطوير المحلي مع سلاسل إمداد مضمونة، أو شراكات محدودة للغاية في مكونات معينة، بدلًا من مشروعات التعاون الكبرى التي تبدو جذابة سياسيًا، لكنها هشة عمليًا.

أما إذا انتقلنا إلى مثال مصر–تركيا–إيران–باكستان تحديدًا، فسنجد أن هذه الدول تختلف جذريًا في العقيدة العسكرية، وأنماط القتال، وشبكات التحالف، وحتى في طبيعة العقوبات.

فإيران خاضعة لعقوبات واسعة، وهذا وحده يقيّد أي مشروع مشترك، لأن سلاسل الإمداد والتقنيات المستخدمة ستكون معرضة بدورها للعقوبات.

أما تركيا فهي عضو في حلف الناتو وتلتزم بمعايير مختلفة، في حين أن التوجّه الدفاعي لباكستان مرتبط بالهند والصين لا بالشرق الأوسط أصلًا.

لذلك، فإن فكرة أن نجتمع جميعًا ونطلق مشروعًا دفاعيًا عملاقًا تبدو جذابة نظريًا، لكنها عمليًا صعبة للغاية.