info@archon-defense.com

آركون

ما نوع السلاح الذي يمكن تطويره بسرّية؟

منذ 6 ساعات
1 المشاهدات
0 comments
4 دقيقة/دقائق للقراءة

لننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى… ما نوع السلاح الذي يمكن تطويره بسرّية تامة كما يُقال لنا؟ فكل الأسلحة في النهاية ناتجة عن تكنولوجيا معينة، وهذه التكنولوجيا معروفة ومحددة، إلا إذا كنتَ تزعم أنك ابتكرت تكنولوجيا جديدة تمامًا (وهو أمر مستحيل عمليًا في مصر، ونحن جميعًا نعلم ذلك). ولكن لو افترضنا أن هذا حدث فعلًا، فسيصبح السؤال المنطقي: أين تطبيقات هذه التكنولوجيا في الصناعات الأخرى لديك؟

على سبيل المثال، لنفترض أنك طوّرت نوعًا جديدًا من الذكاء الاصطناعي لاستخدامه في سلاحك السري، فأين الشركات المدنية التي استفادت من هذه التكنولوجيا؟

وسؤال آخر: هل تعلم كم شركة تركية مشاركة في مشروع الطائرة «هورجيت» إلى جانب الشركات الأجنبية؟ حوالي 350 شركة، وأسماء هذه الشركات كلها موجودة ومتاحة، بل يمكنك من خلال «لينكد إن» أن ترى كل العاملين في تلك الشركات. تخيّل أن أي شخص في العالم يستطيع التعرف على نحو 80٪ من العاملين في مشروع دفاعي بهذا الحجم. بالمناسبة، أنا أعمل على ورقة بحثية عن تلك الطائرة مع أحد الأساتذة من التشيك، وبسبب وفرة المعلومات من المصادر المفتوحة، تواصلت مع الأتراك قبل أن أكمل العمل لأنني خشيت أن أكون أخطأت بشيء، فجاء الرد: لا مشكلة، استمر.

إذن، أين هي الشركات الصغيرة والمتوسطة لديك التي تُقدّم خدمات أو منتجات للشركات المنفذة للمشروع الرئيسي؟ أين عقودها ومنتجاتها؟ وهذه الشركات بطبيعة الحال لا يمكن أن تستمر إن لم يكن لديها عملاء آخرون بجانبك. منطقيًا وإداريًا ذلك غير ممكن، فهل هناك معلومات أو بيانات عن مبيعات هذه الشركات لمشروعات أخرى؟

حسنًا، ما نوع السلاح الذي تُطوّره؟ لنقل مثلًا صواريخ؟ هل توجد صواريخ في العالم لا تُختبر عمليًا؟ حتى لو كانت قدرات الصاروخ مجهولة، فحقيقة وجود اختبارات ستظهر، لأن أي تجربة إطلاق تُرصد، وأي جسم يطير في الجو يمكن تتبعه. فهل سمع أحد عن أخبار حول اختبارات من هذا النوع؟

لنفترض أنك تعمل على تطوير منظومة صواريخ، فكل صاروخ في العالم يحتاج إلى مواقع اختبار، ومنصات إطلاق، ومسارات طيران يصدر بشأنها إخطار للملاحة الجوية (NOTAM)، ويصل إلى ارتفاعات واتجاهات يمكن رصدها عبر الرادارات والدفاعات الجوية والأقمار الصناعية.

اليوم هناك شبكات أقمار صناعية للإنذار المبكر مثل منظومة SBIRSالأمريكية، صُمّمت خصيصًا لرصد حرارة أي إطلاق صاروخي خلال ثوانٍ معدودة، وتُرسل الإنذار المبكر ليس فقط للأمريكيين بل لحلفائهم أيضًا.

ولنكون دقيقين في المعلومة، ففي عام 2022 ثم 2024 ظهرت تقارير في مواقع إسرائيلية متخصصة في الشؤون العسكرية مثل NzivوJewishPress، اعتمدت على صور أقمار صناعية تجارية، تحدّثت عن منشآت محصّنة داخل جبال سيناء يُشتبه بأنها مواقع لإطلاق أو تجهيز صواريخ باليستية متوسطة أو بعيدة المدى. غير أنّ كل التحليلات لتلك المعلومات لم تتحدث عن تطوير قدرات أو تكنولوجيا جديدة، بل أشارت إلى وجود هذه الصواريخ في الترسانة المصرية سابقًا. وسأتناول هذه النقطة بتفاصيل أكبر لاحقًا.

فلنفترض الآن أنها ليست صواريخ، بل طائرة أو مشروع مقاتلة (وهذا إن حدث فعلاً فسيعني أنك أقوى دولة في العالم بلا منازع، وأول دولة تصنع مقاتلة بمفردها). انظر إلى مشروع المقاتلة التركية KAAN، حيث تم أول تحليق لها في فبراير 2024، وتم بث الفيديو رسميًا للعالم كله. كما وقّعت تركيا عقد تصدير لـ 48 طائرة مع إندونيسيا، وكان الإعلان رسميًا وبحضور رؤساء دول.

البرنامج التركي بُني على منظومة أوسع تضم آلاف الشركات الدفاعية التركية التي أصبحت جزءًا من سلاسل الإمداد العالمية. تشير تقارير دولية وإعلامية إلى أن أكثر من 2000 شركة تعمل في قطاع الدفاع التركي، في مجالات الإلكترونيات، والرادارات، والمحركات، والبرمجيات، وأنظمة التحكم. وهذه الشركات لا تعيش على عقد سري واحد مع الدولة وتؤدي القسم بعدم الحديث، بل تُعلن عن منتجاتها، وتشارك في المعارض، وتصدر للخارج، وتوظّف آلاف المهندسين، وتحصل على تمويل من البنوك، وتخضع لتقارير وأسواق أسهم تراقب أداءها. فهل نرى مثل هذه الحالة عندنا؟

ففكرة أن تنشئ برنامجًا تسليحيًا معقدًا — سواء كان مقاتلة أو منظومة دفاع جوي أو حتى طائرة مسيّرة متقدمة — دون أن يظهر أي أثر لسلاسل الموردين، أو أخبار عن الاختبارات، أو صور أقمار صناعية، أو عقود تصدير، أو تقارير بحثية تتناوله، فليست تلك سرّية عبقرية، بل في الغالب تعني أنه لا يوجد برنامج أصلًا، أو أنه ما زال مجرد فكرة على الورق أو عرض «باوربوينت».

فلنستخدم عقولنا قليلًا، لأننا في عام 2026، والأقمار الصناعية ذات الوصول العام متاحة للجميع، فما بالك بالعسكرية منها؟ ومراكز الأبحاث تتابع صور «جوجل» بشكل دائم، وتراقب بيانات التجارة الدولية وتقارير التسلح. أصبح من المستحيل لدولة اقتصادها وصناعتها في وضع هش (وهذا وصف الرئيس نفسه حتى لا يُقال إننا نقلّل من بلدنا) أن تزعم امتلاك سلاح سري خارق لا يعرف عنه أحد شيئًا في العالم.

وقبل أن تُتهم من يقول هذا بأنه يقلّل من شأن بلده، أرجو أن تراجعوا كلام رئيس الدولة نفسه، حين قال بوضوح: "ليس لدينا تعليم كافٍ، ولا صحة جيدة، ولا قدرة على العلاج، نحن شبه دولة". الرئيس تحدث بصراحة تُحسب له، فلماذا إذن نُتهم نحن بالخيانة عندما نتحدث بصراحته نفسها، حتى وإن كنا نعرض حقائق موثقة وأرقامًا معلنة؟